وقد ذكر الحافظ ابن عساكر (٧) في ترجمة [أبي عبد الله البَرْزيّ][١]- من أهل "بَرْزَةَ" من غوطة [٢] دمشق، وكان من الصالحين يصوم الإثنين والخميس، وكان أعور قد بلغ الثمانين - فروى ابن عساكر بسنده إلى أبي سليمان بن يزيد [٣]: [أنه سأله][٤] عن سبب عَوَره، فامتنع، فألح عليه شهورًا، فأخبره أن رجلين من أهل خراسان نزلا عنده جمعة في قرية برزة، وسألاه عن [واديها][٥]، فأريتهما إياه، فأخرجا مجامرَ وأوقدا فيها بخورًا كثيرًا، حتَّى عجعج الوادي بالدخان، فأخذا يُغْزمان والحيات تقبل من كل مكان إليهما، فلا يلتفتان إلى شيء منها [٦]، حتى أقبلت حية نحو الذراع، وعيناها توقدان مثل الدينار، فاستبشرا بها عظيمًا، وقالا: الحمد لله الذي لم يُخَيب سفرنا من سنة، وكسرا المجامر، وأخذا الحية فأدخلا في عينها ميلًا فاكتحلا به، فسألتهما أن يكحلاني، فأبيا، فألححت عليهما وقلت: لا بد من ذلك، وتوعدتهما بالدّولة، فكحلا عيني الواحدة اليمنى، فحين وقع في عيني نظرت إلى الأرض تحتي مثل المرآة، انظر ما تحتها كما تُوري [٧] المرآة، ثم قالا لي: سر معنا قليلًا، فسرت معهما وهما [٨] يحدثاني، حتَّى إذا [٩] بعدت عن القرية، أخذاني فكتفاني، وأدخل أحدهما يده في عيني ففقأها، ورمى بها ومضيا، فلم أزل كذلك ملقى مكتوفًا، حتَّى مر بي نفر فَفَك وَثَاقي. فهذا ما كان من خبر عيني.
وقال ابن أبي حاتم: حدَّثنا علي بن الحسين، حدَّثنا هشام بن عمار، حدَّثنا صدقة بن عمرو الغساني، حدَّثنا عباد بن بن ميسرة المنقري، عن الحسن قال: اسم هدهد سليمان ﵇: عنبر.
وقال محمد بن إسحاق: كان سليمان ﵇ إذا غدا إلى مجلسه الذي كان بجلس فيه تفقد [١٠] الطير، وكان فيما يزعمون يأتيه نُوبٌّ من كل صنف من الطير، كل يوم طائر، فنظر فرأى من أصناف الطير كلّها من حَضَره إلَّا الهدهد، ﴿فَقَال مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾، أخطأه بصري من الطير، أم غاب فلم يحضر؟
وقوله: ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ قال الأعمش، عن المنهاج بن عمرو، عن سعيد، عن