هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتَرْكِهم أوامرَ الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابّة من الأرض -قيل [١]: من مكة، وقيل: من غيرها -كما سيأتي تفصيله -فَتُكلِّم الناسَ على ذلك.
قال ابن عباس والحسن وقتادة- وروي عن علي ﵁: تكلمهم كلامًا، أي: تخاطبهم مخاطبة.
وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم: إنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. ويروى هذا عن علي، واختاره ابن جرير وفي هذا نظر لا يخفى، والله أعلم.
وقال ابن عباس -في رواية-: تجرحهم، وعنه رواية، قال: كلَّا [٢] تفعل، يعني هذا وهذا. وهو قول حسن ولا منافاة، والله أعلم. وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثارٌ كثيرة، فلنذكر ما تيسر منها، بالله [٣] المستعان:
قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان، عن فُرَات، عن أبي الطفيل، عن حُذيفة بن أسيد الغفاري، قال: أشرف علينا رسول الله ﷺ من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال: "لا تقوم الساعة حتى تَرَوا عشر آيات: طلع الشمس من مغربها، والدخان، والدابّة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قَعر عدن تسوق [][٤]-أو تحشر: الناس، تبيت معهم حيث باتوا، وتَقيل معهم حيث قالوا"(٢١).
(٢١) رواه الإمام أحمد في المسند (٤/ ٦، ٧) (١٦١٨٨، ١٦١٩٠) ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة (١٨/ ٣٦) حديث (٣٩/ ٢٩٠١). من طريق أبي خيثمة وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر المكي، ثنا سفيان بن عيينة، عن فرات له. وأبو داود في كتاب الملاحم، باب: أمارات الساعة (٤/ ١١٤) حديث (٤٣١١). من طريق مسدد وهناد، ثنا أبو الأحوص، ثنا فرات القزاز، عن عامر بن واثلة أبي الطفيل به. والترمذي في الفتن حديث ٢١٨٣. والنسائي في التفسير من السنن الكبرى. وابن ماجة في كتاب الفتن، باب: أشراط الساعة (٢/ ١٣٤١) حديث (٤٠٤١). من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن سفيان، عن فرات له. والطبراني (٣/ ١٨٩ - ١٩٢). حديث (٣٠٢٨) إلى حديث (٣٠٣٤).