يقول تعالى مخبرًا عن فؤاد أم موسى، حين ذهب ولدها في البحر: إنه أصبح فارغًا، أي: من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى؛ قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو عبيدة، والضحاك، والحسن البصري، وقتادة، وغيرهم.
﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾، أي: إن كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لَتُظهر أنَّه ذهب لها ولد، وتخبر بحالها، لولا أن الله ثَبَّتها وصبَّرها؛ قال الله تعالى: ﴿لوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾، أي: أمرت ابنتها -وكانت كبيرة تعي ما يقال لها- فقالت لها: ﴿قُصِّيهِ﴾، أي: اتبعي أثره، وخذي خبره، وتَطَلَّبي شأنه من نواحي البلد. فخرجت لدلك، ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾، قال ابن عباس: عن جانب.
وقال مجاهد: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾ عن بعيد.
وقال قتادة: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.
وذلك أنه لما استقر موسى ﵇ بدار فرعون، وأحبته امرأة الملك، واستطلقته منه، عرضوا عليه المراضع التي في دارهم، فلم يقبل منها ثديًا، وأبى أن يقبل شيئًا من ذلك.