للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن لها ولد منه.

وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾، أي: لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه، من الحكمة العظيمة [البالغة، والحجة القاطعة] [١].

﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنَا عَلَيهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن فؤاد أم موسى، حين ذهب ولدها في البحر: إنه أصبح فارغًا، أي: من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى؛ قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو عبيدة، والضحاك، والحسن البصري، وقتادة، وغيرهم.

﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾، أي: إن كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لَتُظهر أنَّه ذهب لها ولد، وتخبر بحالها، لولا أن الله ثَبَّتها وصبَّرها؛ قال الله تعالى: ﴿لوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقَالتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ﴾، أي: أمرت ابنتها -وكانت كبيرة تعي ما يقال لها- فقالت لها: ﴿قُصِّيهِ﴾، أي: اتبعي أثره، وخذي خبره، وتَطَلَّبي شأنه من نواحي البلد. فخرجت لدلك، ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾، قال ابن عباس: عن جانب.

وقال مجاهد: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ﴾ عن بعيد.

وقال قتادة: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.

وذلك أنه لما استقر موسى بدار فرعون، وأحبته امرأة الملك، واستطلقته منه، عرضوا عليه المراضع التي في دارهم، فلم يقبل منها ثديًا، وأبى أن يقبل شيئًا من ذلك.


[١]- في خ، ز: "والحجة البالغة".