يقول تعالى مخبرًا عن نبيه لوط ﵇ أنه أنكر علي قومه سوء صنيعهم، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال، في إتيانهم الذكران بن العالمين، ولم يسبقهم إلي هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم، وكانوا مع هذا يكفرون بالله ويكذبون رسوله ويخالفون ويقطعون السبيل أي: يقفون في طريق الناس يقتلونهم ويأخذون أموالهم، ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ أي: يفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها، لا ينكر بعضهم علي بعض شيئًا من ذلك، فَمِنْ قائل: كانوا يأتون بعضهم بعضًا في الملأ. قاله مجاهد. ومن قائل: كانوا يتضارطون ويتضاحكون. قالته عائشة ﵂ والقاسم. ومن قائل: كانوا يناطحون بين الكباش، ويناقرون بين الديوك، وكل ذلك كان يصدر عنهم، وكانوا شرًّا من ذلك.
وقال الإِمام أحمد (١٥): حدثنا حماد بن أسامة، أخبرني حاتم بن أبي صغيرة، حدثنا سماك بن حرب، عن أبي صالح -مولى أم هانئ- عن أم هانئ، قالت: سألت رسول الله ﷺ عن قوله ﷿: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ قال: "يحذفون أهل الطريق، ويسخرون منهم، وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه".
ورواه الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة، عن [١] أبي يونس القُشَيري -حاتم بن أبي صَغيرة- به. ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك.