للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس، عن الحكم، عن مجاهد: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾، قال: الصفير، ولعب الحمام، والجُلاهق (*) والسؤال في المجلس وحل أزرار القباء.

وقوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم، ولهذا استنصر عليهم نبيُّ الله فقال: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾.

﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (٣١) قَال إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٢) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥)

لما استنصر لوط الله عليهم بعث [١] الله لنصرته ملائكة فمروا علي [٢] إبراهيم في هيئة أضياف فجاءهم بما ينبغي للضيف، فلما رأى أنه لا همّة لهم إلى الطعام نَكرَهم وأوجس منهم خيفة، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته سارة -وكانت حاضرة- فتعجبت من ذلك، كما تقدم بيانه في سورة "هود" و "الحجر". فلما جاءت إبراهيم البشرى [٣]، وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط، أخذ يدافع لعلهم يُنظرون، لعل الله أن يهديهم. ولما قالوا: إنا مهلكو أهل هذه القرية ﴿قَال إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٢)﴾، أي: من الهالكين؛ لأنها كانت تُمَالئُهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم ثم ساروا من عنده فدخلوا علي لوط في صورة شباب حسان، فلما رآهم كذلك ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ أي: اهتم بأمرهم، إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه، وإن لم يضيفهم [٤] خشي عليهم منهم، ولم


(*) قال في القاموس: الجُلاهِقُ -كعُلابط- البندق الذي يرمى به.