وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس، عن الحكم، عن مجاهد: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾، قال: الصفير، ولعب الحمام، والجُلاهق (*) والسؤال في المجلس وحل أزرار القباء.
وقوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم، ولهذا استنصر عليهم نبيُّ الله فقال: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾.
لما استنصر لوط ﵇ الله عليهم بعث [١] الله لنصرته ملائكة فمروا علي [٢] إبراهيم ﵇ في هيئة أضياف فجاءهم بما ينبغي للضيف، فلما رأى أنه لا همّة لهم إلى الطعام نَكرَهم وأوجس منهم خيفة، فشرعوا يؤانسونه ويبشرونه بوجود ولد صالح من امرأته سارة -وكانت حاضرة- فتعجبت من ذلك، كما تقدم بيانه في سورة "هود" و "الحجر". فلما جاءت إبراهيم البشرى [٣]، وأخبروه بأنهم أرسلوا لهلاك قوم لوط، أخذ يدافع لعلهم يُنظرون، لعل الله أن يهديهم. ولما قالوا: إنا مهلكو أهل هذه القرية ﴿قَال إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٢)﴾، أي: من الهالكين؛ لأنها كانت تُمَالئُهم على كفرهم وبغيهم ودبرهم ثم ساروا من عنده فدخلوا علي لوط في صورة شباب حسان، فلما رآهم كذلك ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ أي: اهتم بأمرهم، إن هو أضافهم خاف عليهم من قومه، وإن لم يضيفهم [٤] خشي عليهم منهم، ولم
(*) قال في القاموس: الجُلاهِقُ -كعُلابط- البندق الذي يرمى به.