للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعلم بأمرهم في الساعة الراهنة. ﴿وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إلا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٣٣) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾، وذلك أن جبريل اقتلع قراهم [١] من قرار الأرض، ثم رفعها إلي عَنَان السماء ثم قلبها عليهم. وأرسل الله عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد، وجعل مكانها بحيرة خبيثة منتنة، وجعلهم عبرة إلي يوم التناد، وهم من أشد الناس عذابًا يوم المعاد، ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً﴾، أي: واضحة، ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، كما قال: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.

﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيبًا فَقَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾

يخبر تعالى عن عبده ورسوله شعيب : أنه أنذر قومه أهل مدين، فأمرهم بعبادة اللَّه وحده لا شريك له، وأن يخافوا بأس الله ونقمته وسطوته يوم القيامة، فقال: ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾.

قال ابن جرير: قال بعضهم: معناه: واخشوا اليوم الآخر. وهذا كقوله تعالى: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ ثم نهاهم عن العيث [٢] في الأرض بالفساد، وهو السعي فيها والبغي على أهلها وذلك أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان، ويقطعون الطريق علي الناس، هذا مع كفرهم بالله ورسوله، فأهلكهم الله برجفة عظيمة زلزلت عليهم بلادهم، وصيحة أخرجت القلوب من حناجرها، وعذاب يوم الظلة الذي أزهق الأرواح من مستقرها، إنه كان عذاب يوم عظيم. وقد تقدمت قصتهم مبسوطة في "سورة الأعراف" و "هود" و "الشعراء".

وقوله: ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ قال قتادة: ميتين. وقال غيره: قد ألقي بعضهم على بعض.

﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعْمَالهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا


[١]- في خ: "قرارهم".
[٢]- في خ: "العبث".