للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعداء، وفارقوا الأهل والأقرباء، ابتغاء وجه اللَّه، ورجاء ما عنده وتصديق موعوده.

قال ابن أبي حاتم (٤٣): حدثني أبي، حدثنا صفوان المؤذن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، حدثني أبو معانق [١] الأشعري: أن أبا مالك الأشعري حدثه أن رسول اللَّه حدثه [٢] "أن في الجنة غُرفًا روى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها اللَّه لمن أطعم الطعام، وأطاب الكلام، وأباح الصيام، وأقام الصلاة والناس نيام".

﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ في أحوالهم كلها في دينهم ودنياهم ثم أخبرهم تعالى أن الرزق لا يختص ببقعة، بل رزقه تعالى عام لخلقه حيث كانوا وأين كانوا، بل كانت أرزاق المهاجرين حيث هاجروا أكثر وأوسع وأطيب فإنهم بعد قليل صاروا حكام البلاد في سائر الأقطار والأمصار، ولهذا قال: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾، أي: لا تطيق جمعه وتحصيله، ولا تؤخر شيئًا لغد ﴿اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ﴾ أي: اللَّه يُقَيض لها رزقها على ضعفها، ويسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر في قرار الأرض، والطير في الهواء والحيتان في الماء. قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (٤٤): حدثنا محمد بن عبد الرحمن [٣] الهروي، حدثنا يزيد -يعني ابن هارون- حدثنا الجراح بن [٤] منهال الجزري -هو أبو العطوف- عن الزهري، عن رجل، عن ابن عمر قال: خرجت مع رسول اللَّه حتى دخل بعض حيطان المدينة، فجعل يلتقط من التمر وجمل، فقال لي: "يا ابن عمر، ما لك لا تأكل؟ " قال: قلت: لا أشتهيه يا رسول اللَّه. قال: "لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعامًا ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك قيصر وكسرى، فكيف [٥] بك يا ابن عمر؛ إذا بقيتَ في قوم يَخْبَئون رزق سنتهم بضعف [٦] اليقين؟ " قال: فواللَّه ما برحنا ولا رِمْنا حتى نزلت: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ


(٤٣) ورواه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٣٤٣) من طريق أبي معانق، عن أبي مالك له، وسيأتي عند الآية: ٢٠ من سورة الزمر.
(٤٤) ورواه البغوي في تفسيره (٦/ ٢٥٣) من طريق إسماعيل بن زرارة، عن الجراح بن المنهال به - وقال الشوكاني في فتح القدير (٤/ ٢١٣): "وهذا الحديث فيه نكارة شديدة لمحالفته لما كان عليه النبي - صلى =