للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفار فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا، فلا وفرحوا. ولا يُقرَّن اللَّه أعينكم؛ فواللَّه ليظهرن اللَّه [١] الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا . فقام إليه أُبيّ بن خلف فقال: كذبت يا أبا فضيل. فقال له أبو بكر: أنت أكذب يا عدو اللَّه. قال [٢]: [أناحِبُكَ] [٣] (*) عشر قلائص مني وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غَرِمتُ وإن ظهرت فارس غرمتَ إلى ثلاث سنين. ثم جاء أبو بكر إلى النبي فأخبره، فقال: ما هكذا ذكرت، إنما البضع ما بين الثلاث إلى التسع. فزايده في الخَطَر [٤] (**) ومادّه في الأجل. فخرج أبو بكر فلقى أبيًّا فقال: لعلك ندمت؟ فقال: لا، تعالى أزايدك في الخَطَر وأمادك في الأجل، فاجعلها مائة قلوص لمائة قلوص إلى تسع سنين. قال: قد فعلت. فظهرت الروم على فارس قبل ذلك، فغلبهم المسلمون.

قال عكرمة: لما أن ظهرت فارس على الروم، جلس فرخان يشرب -وهو أخو شهربراز- فقال لأصحابه: لقد رأيت كأني جالس على سرور كسرى. فبلغت [٥] كسرى فكتب إلى شهربراز: إذا أتاك كتابي فابعث إلي برأس فرخان. فكلتب إليه: أيها الملك؛ إنك لن تجد مثل فرخان. له نكاية [٦] وصوت في العدو، فلا تفعل. فكتب إليه: إن في رجال فارس خلفًا منه، فعجّل إلي برأسه. فراجعه، فغضب كسرى فلم يجبه، وبعث يريدًا إلى أهل فارس: إني قد نزعت عنكم شهربراز، واستعملت عليكم فرخان. ثم دفع إلى البريد صحيفة لطيفة صغيرة فقال: إذا ولي فرخان الملك، وانقاد له أخوه، فأعطه هذه [٧]. فلما قرأ شهربراز الكتاب قال: سمعًا وطاعة، ونزل عن سريره وجلس فرخان ودفع إليه الصحيفة قال: ائتوني بشهربراز، وقدَّمه ليضرب عنقه، قال: لا تعجل حتى أكتب وصيتي، قال: نعم. فدعا بالسَّفط [٨] (* * *) فأعطاه [ثلاث صحائف] [٩] وقال: كل هذا راجعت فيك كسرى، وأنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد. فرد الملك إلى أخيه شهربراز وكتب شهربراز إلى قيصر ملك الروم: إن لي إليك حاجة لا تحملها البُرُد ولا تحملها الصحف، فالقني ولا تلقني إلا في خمسين روميًّا، فإني ألقاك في خمسين فارسيًّا. فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي، وجعل يضع [١٠] العيون بين يديه في


(*) ناحب فلانًا: راهنه.
(**) الخطر: الرهان.
(* * *) السفط: وعاء من قضبان الشجر ونحوها، توضع فيه الأشياء، كالفاكهة ونحوها وهو يشبه الجوالق أو القفة.