للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ قال ابن عباس: ييأس المجرمون. وقال مجاهد: يفتضح المجرمون. [وفي رواية: يكتئب المجرمون] [١].

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ﴾، أي: ما شفعت فيهم الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون اللَّه، وكفروا بهم، وخانوهم أحوج ما كانوا إليهم.

ثم قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ قال قتادة: هي واللَّه الفرقة التي لا اجتماع بعدها. يعني: إذا رفع هذا إلى عليين، وخفض هذا إلى أسفل السافلين، فذاك آخر العهد بينهما، ولهذا قال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾، قال مجاهد وقتادة: ينعمون.

وقال يحيى [٢] بن أبي كثير: يعني: سماع الغناء. والحبرة أعم من هذا كله. قال العجاج:

الحمد لله الذي أعطى الحبر [٣] … موالي الحق، إن المولى شكر

﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)

هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده، في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعطم سلطانه: عند المساء، وهو إقبال الليل بظلامه، وعند الصباح، وهو إسفار النهار عن ضيائه.

ثم اعترض بحمده، مناسبة للتسبيح وهو التحميد، فقال: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، أي: هو المحمود على ما خلق في السماوات والأرض.

ثم قال: ﴿وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾، فالعشاء هو: شدة الظلام، والإظهار: قوة الضياء. فسبحان خالق هذا وهذا، فالق الإِصباح وجاعل الليل سكنًا كما قال: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ وقال [٤]: ﴿وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ وقال: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيلِ إِذَا سَجَى﴾ والآيات في هذا كثيرة.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٢]- سقط من: خ.
[٣]- في ز: "الحبرة".
[٤]- سقط من: ز، خ.