للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء [١] منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن، وبين ذلك". ورواه أبو داود والترمذي من طرق، عن عوف الأعرابي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أي: خلق لكم من جنسكم إناثًا يَكُن لكم أزواجًا، ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيهَا﴾، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيهَا﴾ يعني، بذلك حواء خلقها اللَّه من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر. ولو أنه جعل بني [٢] آدم كلهم ذكورًا، وجعل إناثهم من جنس آخر، إما من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نَفْرَة ولو كانت الأزواج من غير الجنس. ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم [وبينهن] [٣] مودة: وهي المحبة، ورحمة: وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته [٤] لها أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإِنفاق، أو للألفة بينهما وغير ذلك، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣)

يقول تعالى: ومن آيات قدرته العظيمة ﴿خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: خلق السماوات] [٥] في ارتفاعها واتساعها، وشفوف أجرامها، وزهارة كواكبها ونجومها الثوابت والسيارات، والأرض في [٦] انخفاضها وكثافتها، وما فيها من جبال وأودية وبحار وقفار،


= (٤/ ٢٢٢). والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، حديث (٢٩٥٥) (٥/ ١٨٧ - ١٨٨). وعبد بن حميد (٥٤٩). وابن سعد في الطبقات (١/ ٢٣). وابن خزيمة في التوحيد ص (٦٤). والحاكم (٢/ ٢٦١ - ٢٦٢). والطبري (١/ ٢١٤) عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ من سورة البقرة. وابن حبان في صحيح في كتاب التاريخ، باب: بدئ الخلق (٦١٦٠) (١٤/ ٢٩). وأبو نعيم في الحلية (٨/ ١٣٥). كلهم من طريق عوف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى … فذكره. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في الصحيحة برقم (١٦٣٠). وزاد نسبته إلى ابن عساكر (٢/ ٣٠٧ / ٢). والبيهقي في الأسماء والصفات (٣٢٧، ٣٨٥).