للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)

يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ الدالة على عظمته أنه ﴿يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾،

أي [١]: تارة تخافون [٢] مما يحدث بعده من أمطار مزعجة، أو صواعق متلفة، وتارة ترجون وَميضه وما يأتي بعده من المطر المحتاج إليه، ولهذا قال: ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، أي: بعد ما كانت هامدة لا نبات فيها ولا شيء، فلما جاءها الماء ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾. وفي ذلك عبرة ودلالة واضحة على المعاد وقيام الساعة، ولهذا قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. ثم قال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ كقوله: ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ﴾ وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾.

وكان عمر بن الخطاب إذا اجتهد في اليمين يقول: "لا، والذي تقوم السماء والأرض بأمره". أي: هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها، ثم إذا كان يوم القيامة بُدلت الأرض غير الأرض والسماوات وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم. ولهذا قال: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إلا قَلِيلًا﴾ وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ وقال: ﴿إِنْ كَانَتْ إلا صَيحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَينَا مُحْضَرُونَ﴾.

﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)

يقول تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: ملكه وعبيده، ﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾، أي: خاضعون خاشعون طوعًا وكرهًا.

وفي حديث دراج (١٧)، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعًا: "كل حرف في القرآن


(١٧) إسناده ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم. ورواه أحمد (٣/ ٧٥) وأبو يعلى في مسنده =