ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقْرًا﴾، أي: هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب، إذا تليت عليه الآيات القرآنية، ولى عنها وأعرض وأدبر وتصام [١] وما به من صمم، كأنه ما يسمعها، لأنه يتأذى بسماعها، إذ لا انتفاع له بها، ولا أرَبَ له فيها، ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، أي: يوم القيامة يؤلمه، كما تألَّم بسماع كتاب الله وآياته.
هذا ذكر مآل الأبرار من السعداء في الدار الآخرة، الذين آمنوا بالله وصَدقوا المرسلين، وعملوا الأعمال الصالحة التابعة لشريعة الله، ﴿لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾، أي: يتنعمون فيها بأنواع الملاذ والمسارّ، من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والمراكب والنساء، والنضرة والسماع الذي لم يخطر ببال أحد، وهم في ذلك مقيمون دائمًا فيها، لا يظعنون ولا يبغون عنها حولًا.
وقوله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا﴾، أي: هذا كائن لا محالة، لأنه من وعد الله، والله لا يخلف الميعاد، لأنه الكريم المنان، الفعال لما يشاء، القادر على كل شيءٍ، ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾، الذي قد قهر كل شيء، ودان له كلُّ شيءٍ. ﴿الْحَكِيمُ﴾ في أقواله وأفعاله، الذي جعل القرآن هدى للمؤمنين، ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيهِمْ عَمًى﴾، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلا خَسَارًا﴾.