للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا الله، محمد رسول الله" في تلك الحال العظيمة.

وقال عبد الرزاق (٧): حدثنا محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة؛ قال: سمعت مجاهدًا يقول: ما على ظهر الأرض من بيت شعر أو مدر إلا وملك الموت يطيف [١] به كل يوم مرتين.

وقال كعب الأحبار: والله ما من بيت فيه أحد من أهل الدنيا إلا وملك الموت [يطيف به كل يوم مرتين] [٢] يقوم على بابه كل يوم سبع مرات، ينظر هل فيه أحد أمر أن يتوفاه. رواه ابن أبي حاتم.

وقوله: ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ أي: يوم معادكم وقيامكم من قبوركم لجزائكم.

وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنَا لآتَينَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)

يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة وقالهم حين عاينوا البعث، وقاموا بين يدي الله حقيرين ذليلين ﴿نَاكِسُو [٣] رُءُوسِهِمْ﴾ أي: من الحياء والخجل، يقولون: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾، أي: نحن الآن نسمع قولك، ونطيع أمرك، كما قال تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾. وكذلك يعودون على أنفسهم بالملامة إذا دخلوا النار بقولهم: ﴿لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾. وهكذا هؤلاء يقولون: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا﴾، أي: إلى الدار الدنيا، ﴿نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾، أي: قد أيقنا وتحققنا أن وعدك حق ولقاءك حق، وقد علم الرب تعالى منهم أنه لو أعادهم إلى الدار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفارًا، يكذبون آيات الله ويخالفون رسله؛ كما قال: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَاليتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ


(٧) تفسير الطبري (٢١/ ٦٣).