للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ﴾.

قال عبد بن حميد: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، قال: إنك إن نظرت عن يمينك أو عن شمالك، أو من بين يديك أو من خلفك، رأيت السماء والأرض.

وقوله: ﴿إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ﴾، أي: لو شئنا لفعلنا بهم ذلك؛ لظلمهم وقدرتنا عليهم، ولكن نؤخر ذلك لحلمنا وعفونا.

ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾، قال معمر، عن قتادة: ﴿مُنِيبٍ﴾ تائب.

وقال سفيان عن قتادة: المنيب: المقبل إلى الله ﷿.

أي: إن في النظر إلى خلق السماء والأرض لدلالة لكل عبد فَطِن لبيب رَجَّاع إلى الله، على قدرة الله على بعث الأجساد ووقوع المعاد، لأن من قدر على خلق [السماوات في] [١] ارتفاعها واتساعها، وهذه الأرضين في انخفاضها وأطوالها وأعراضها، إنه لقادر على إعادة الأجسام ونشر الرميم من العظام، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَيسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ [يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ] [٢] بَلَى﴾ وقال: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ [٣] النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَينَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَينَ يَدَيهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (١٢)

يخبر تعالى عما أنعم به على عبده ورسوله داود -صلوات الله وسلامه عليه- مما آتاه من الفضل المبين، وجمع له بين النبوة والملك المتمكن، والجنود ذوي العدد والعُددَ، وما أعطاه ومنحه من الصوت العظيم، الذي كان إذا سبح به تسبح معه الجبال الراسيات، الصم الشامخات، وتقف له الطيور السارحات، والغاديات والرائحات، وتجاوبه بأنواع اللغات. وفي الصحيح أن رسول الله سمع صوت أبي موسى الأشعري يقرأ من الليل،


[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "هذه السماوات و".
[٢]- ما بين المعكوفتين في ز: "يحيى الموتى".
[٣]- سقط من: ز.