للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شديد: فقال أبو لهب: تبًّا لك! ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾.

وقد تقدم عند قوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾.

وقال الإمام أحمد (٤١): حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: خرج الينا رسول الله يومًا فنادى ثلاث مرات فقال: "أيها الناس تدرون ما مثلي ومثلكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "إنما مثلي ومثلكم مثلُ قوم [١] خافوا غدوًّا يأتيهم، فبعثوا رجلًا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه: أيها الناس، أوتيتم. أيها الناس، أوتيتم. ثلاث مرات".

وبهذا الإسناد قال رسول الله : "بعثت أنا والساعة جميعًا، إن كادت لتسبقني". تفرد به الإمام أحمد في مسنده (٤٢).

﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (٥١)

يقول تعالى آمرًا رسوله أن يقول للمشركين: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾، أي: لا أريد منكم جُعلًا ولا عطاءًا على أداء رسالة الله إليكم، ونصحي إياكم، وأمركم بعبادة الله، ﴿إِنْ أَجْرِيَ إلا عَلَى اللَّهِ﴾، أي: إنما أطلب ثواب ذلك عند الله، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ﴾، أي: عالم بجميع الأمور، بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم، وما أنتم عليه.

وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾، كقوله تعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾. أي: يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض، وهو


(٤١) المسند (٥/ ٣٤٨) (٢٣٠٥٤). ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/ ١٨٨) وعزاه لأحمد وقال: "ورجاله رجال الصحيح".
(٤٢) - المسند (٥/ ٣٤٨) (٢٣٠٥٣) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣١١) وقال: "رواه أحمد والبزار؛ إلا أنه قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين". وضم أصبعيه السبابة والوسطى، ورجال أحمد رجال الصحيح.