للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما انتهى إليه بصره من خلقه".

وقد قال أبو جعفر بن جرير (٥٩): حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل؛ قال: جاء رجل إلى عبد اللَّه هو ابن مسعود - فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: من لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال ما حدثك كعب؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على منْكَب مَلَك. قال: أفصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورَحْلها، كَذَب كعب. إن اللَّه تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾.

وهذا إسناد صحيح إلى كعب وإلى ابن مسعود.

ثم رواه ابن جرير عن ابن حميد، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم؛ قال: ذهب جُندَب البَجَلي إلى كعب بالشام، فذكر نحوه (٦٠).

وقد رأيت في مصنف الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مُزَين [١] الطليطي، سماه "سير الفقهاء"، أورد هذا الأثر عن محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع، عن وكيع، عن الأعمش، به. ثم قال: وأخبرنا زونان يعني عبد الملك بن الحسن، عن ابن وهب، عن مالك؛ أنه قال: السماء لا تدور. واحتج بهذه الآية، وبحديث: "إن بالمغرب بابًا للتوبة لا يزال مفتوحًا حتى تطلع الشمس منه".

قلت: وهذا الحديث في الصحيح (٦١)، واللَّه أعلم.

﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إلا نُفُورًا (٤٢) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْويلًا (٤٣)


(٥٩) - تفسير الطبري (٢٢/ ١٤٤).
(٦٠) - تفسير الطبري (٢٢/ ١٤٤، ١٤٥).
(٦١) - لم أجد الحديث في الصحيحين، وهو عند الترمذي في الدعوات برقم (٣٥٣٠) في حديث طويل، وهو في المسند للإمام أحمد ١٨١٤٥ - (٤/ ٢٤٠)، وصحيح ابن خزيمة برقم (١٩٣) من حديث صفوان بن عسال، .