للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٧٣)

يذكر تعالى ما أنعم به على خلقه من هذه [١] الأنعام التي سخرها لهم، ﴿فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾، قال قتادة: مطيقون؛ أي: جعلهم يقهرونها وهي ذليلة لهم، لا تمتنع منهم، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه، ولو شاء لأقامه وساقه، وذاك ذليل منقاد معه. وكذا لو كان القطَارُ مائة بعير أو أكثر، لسار الجميع بسير صغير.

وقوله: ﴿فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾، أي: منها ما يركبون في الأسفار، ويحملون عليه الأثقال، إلى سائر الجهات والأقطار. ومنها ما [٢] يأكلون إذا شاءوا نحروا واجتزروا، ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾، أي: من أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين، ﴿وَمَشَارِبُ﴾، أي: من ألبانها وأبوالها لمن يتداوى، ونحو ذلك، ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾، أي: أفلا يُوحِّدُون خالق ذلك ومسخره، ولا يشركون به غيره؟

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦)

يقول تعالى منكرًا على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله، يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الآلهة وترزقهم، وتقربهم إلى الله زلفى. قال الله تعالى: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ﴾، أي: لا تقدر الآلهة على نصر عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل وأحقر وأدحر [٣]، بل لا تقدر على الانتصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء، لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.

وقوله: ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ قال مجاهد: يعني عند الحساب يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة، محضرة عند حساب عابديها، ليكون ذلك أبلغ في خزيهم، وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم.


[١]- سقط من: خ، ز.
[٢]- سقط من: ت.
[٣]- في خ: "وأزجر".