وقال قتادة: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ﴾، يعني الآلهة، ﴿وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾،
والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيرًا، ولا تدفع عنهم سوءًا، وإنما هي أصنام.
وهكذا قال الحسن البصري. وهذا القول حسن، وهو اختيار ابن جرير ﵀.
وقوله: ﴿فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ﴾، أي: تكذيبهم لك وكفرهم بالله، ﴿إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾، أي: نحن نعلم جميع ما هم عليه، وسنجزيهم وصْفَهم ونعاملهم على ذلك، يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلًا ولا حقيرًا، ولا صغيرًا ولا كبيرًا، بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديمًا وحديثًا.
قال مجاهد، وعكرمة وعروة بن الزبير، والسدي، وقتادة: جاء أبي بن خلف إلى رسول الله ﷺ وفي يده عظم رميم وهو يُفَتِّتُه ويُذَرِّيه في الهواء، وهو يقول: يا محمد؛ أتزعم أن الله يبعث هذا؟! فقال:"نعم؛ يميتك الله تعالى، ثم يبعثك، ثم يحشرك إلى النار". ونزلت هذه الآيات من آخر "يس": ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ إلى آخرهن.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، عن هشيم، عن أبي بشر عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس؛ أن العاص بن وائل أخذ عظمًا من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول الله ﷺ: أيحيي الله تعالى هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله ﷺ:"نعم [١]، يميتك الله [٢] ثم يحييك، ثم يدخلك جهنم". قال: ونزلت الآيات من آخر "يس".
ورواه ابن جرير (٥٣) عن يعقوب بن إبراهيم، عن هُشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن
(٥٣) - تفسير الطبري (٢٣/ ٣٠)، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٢٩) من طريق هشيم بل مثل رواية ابن أبي حاتم. وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٠٧) عن ابن عباس، وعزاه إلى ابن جرير=