للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جبير، فذكره ولم يذكر "ابن عباس".

وروى (٥٤) من طريق العَوفي، عن ابن عباس؛ أنه [١] قال: جاء عبد الله بن أبي بعظم ففته .. وذكر نحو ما تقدم.

وهذا منكر؛ لأن السورة مكية، وعبد الله بن أبي ابن سلول، إنما كان بالمدينة. وعلى كل تقدير، سواء كانت هذه الآيات نزلت في أبي بن خلف، أو في العاص، أو فيهما، فهي عامة في كل من أنكر البعث، والألف واللام في قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ﴾ للجنس، يعم كل [٢] منكر للبعث.

﴿أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾، أي: أو لم يستدل من أنكر البعث بالبداء [٣] على الإعادة، فإن الله ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين، فخلقه من شيء حقير ضعيف مهين، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ [] [٤] فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾. وقال: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ﴾، أي: من نطفة من أخلاط متفرقة، فالذي خلقه من هذه النطفة الضعيفة أليس بقادر على إعادته بعد موته، كما قال الإمام أحمد في مسنده (٥٥):

حدثنا أبو المغيرة، حدثنا حَريز [٥]، حدثني عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش؛ أن رسول الله بَصَق يومًا في كفه، فوضع عليها أصبعه، ثم قال: "قال الله تعالى: ابن [٦] آدم، أنَّى تُعجِزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سَوَّيتك وعَدَلتك، مشيت بين بُردَيك وللأرض منكَ وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بَلَغَت التراقي قلت: أتصدق. وأنى أوان الصدقة؟ "

ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن حَريز [٧] بن عثمان به.


= وابن المنذر وابن أبي حاتم والإسماعيلي في معجمه والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث، والضياء في المختارة.
(٥٤) - تفسير الطبري (٢٣/ ٣١)، وزاد السيوطي في الدر النثور (٥/ ٥٠٧) نسبته إلى ابن المنذر.
(٥٥) - المسند (٤/ ٢١٠)، وأخرجه ابن ماجه (٢/ ٩٠٣) حديث (٢٧٠٧) في كتاب الوصايا، باب: النهي عن الإمساك في الحياة والتبارير عند الموت بلفظ: "يا ابن آدم … ". وقال في الزوائد: إسناده صحيح.
ورواه الطبراني في الكبير (٢/ ٣٢) حديث (١١٩٣)، (١١٩٤). وحسنه الشيخ الألباني في =