للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله يقول: يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم. وكلكم فقير إلا من أغنيت، إني جواد ماجد واجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردت شيئًا فإنما أقول له كن فيكون".

وقوله: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾. أي: تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء الحي القيوم، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض [١]، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه ترجع العباد يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله، وهو العادل المنعم المتفضل.

ومعنى قوله: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ﴾ كقوله [﷿: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ﴾، وكقوله تعالى] [٢]: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، فالملك والملكوت واحد في المعنى، كرحمة ورَحَمُوت، [ورَهْبة ورهبوت] [٣]، وجَبْر وجَبرُوت. ومن الناس من زعم أن المُلْك هو عالم الأجسام [٤]، والملكوت هو عالم الأرواح، والأول هو الصحيح، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم.

قال الإمام أحمد (٥٨): حدثنا سُرَيج [٥] بن النعمان، حدثنا حماد، عن عبد الملك بن عمير، حدثني ابن عم لحذيفة، عن حذيفة، و [٦] هو ابن اليمان، ؛ قال: قمت مع رسول الله ذات ليلة، فقرأ السبع الطُّوَل في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال: "الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي.

وقد روى أبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، من حديث شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي حَمْزة -مولى الأنصار- عن رجل من بني عَبْس [٧]، عن حذيفة؛ أنه رأى رسول الله يصلي من الليل، وكان يقول: "الله أكبر ثلاثًا ذو [٨] الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة". ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع [فكان] [٩] ركوعه نحوًا من قيامه، وكان يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم". ثم رفع رأسه من الركوع، فكان قيامه


(٥٨) - المسند (٥/ ٣٨٨)، وأخرجه في المسند (٥/ ٣٩٦) من طريق بهز عن حماد به.