قال: ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾، أي: مشرفون. يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنة. ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وخُليد العَصَري، وقتادة، والسدي، وعطاء الخراساني: يعني في وسط الجحيم.
وقال الحسن البصري: في وسط الجحيم كأنه شهاب يتقد [١].
وقال قتادة: ذُكرَ لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلى. وذكرَ لنا أن كعب الأحبار قال: في الجنة كُوى إذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فيها، فازداد شكرًا. ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ﴾ يقول المؤمن مخاطبًا للكافر: والله إن كدت لتُهلكني لو أطعتك، ﴿وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ أي: ولولا فضل الله عليّ لكنت مثلكَ في سواء الجحيم حيث أنت، محضر معك في العذاب، ولكنه تفضل عليَّ [٢] ورحمني فهداني للإِيمان، وأرشدني إلى توحيده، ﴿وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾.
وقوله: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ هذا من كلام المؤمن مُغْبطًا نفسه بما أعطاه الله من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة، لا موت فيها ولا عذاب، ولهذا قال: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
قال ابن أبي حاتم (٢٥): حدثنا أبو عبد الله الظهراني، حدثنا حفص بن عُمر العدَني، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة قال:[قال ابن عباس ﵄ في قول الله ﵎ لأهل الجنة: ﴿كلوا واشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون﴾][٣] قال ابن عباس-﵄: قوله ﴿هنيئًا﴾ أي: لا يموتون فيها. فعندها قالوا: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾.
[وقال الحسن البصري: علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه، فقالوا: ﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾،] [٤] قيل: لا. قالوا: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
وقوله: ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ [قال قتادة][٥]: هذا من كلام أهل الجنة.
(٢٥) - حفص بن عمر العدني، ضعيف وشيخه صدوق له أوهام كما في التقريب- والخبر ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٢١) ولم يعزه لغير عبد بن حميد.