للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال علي بن أبي طلحة (٣٨) عن ابن عبَّاس: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ يقول: من أهل دينه وقال مجاهد: على منهاجه وسنته.

﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، قال ابن عبَّاس: يعني [١] شهادة أن لا إله إلَّا الله.

وقال ابن أبي حاتم (٣٩): حدَّثنا أَبو سعيد الأشج، حدَّثنا أَبو أسامة، عن عوف: قلت لمحمد بن سيرين: ما القلب السليم؟ قال: يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.

وقال الحسن: سليم من الشرك. وقال عروة لا يكون لعانًا.

وقوله: ﴿إِذْ قَال لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ﴾ أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد؛ ولهذا قال: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالمِينَ﴾، قال قَتَادة: ما ظنكم به أنَّه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟!

﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (٩٠) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَال أَلَا تَأْكُلُونَ (٩١) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (٩٢) فَرَاغَ عَلَيهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (٩٣) فَأَقْبَلُوا إِلَيهِ يَزِفُّونَ (٩٤) قَال أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)

إنما قال إبراهيم لقومه ذلك، ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم، فإنه كان قد أزفَ خروجُهم إلى عيد لهم، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها، فقال لهم كلامًا هو حق في نفس الأمر، فَهِمُوا منه أنَّه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه، ﴿فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾، قال كعادة: والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم. يعني قَتَادة أنَّه نظر في السماء متفكرًا فيما يلهيهم به، فقال: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ أي: ضعيف.


(٣٨) - فيه انقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عبَّاس. والخبر رواه ابن جرير (٢٣/ ٦٩) وابن أبي حاتم - كما في "الدر المنثور" (٥/ ٥٢٥).
(٣٩) - إسناده صحيح إلى محمد بن سيرين، وعوف بن أبي جميلة الأعرابي.