للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الحديث الذي رواه ابن جرير هاهنا (٤٠) حدَّثنا أَبو كريب، حدَّثنا أَبو أسامة، حدثني هشام، عن محمد، عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: "لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذباب: ثنتين في ذات الله، قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾، وقوله: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾، وقوله في سارة: هي أختي".

فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق، ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله -حاشا وكلا ولما [١]- وإنَّما أطلق الكذب على هذا تجوزًا، وإنَّما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني، كما جاء في الحديث (٤١): " إن [في] [٢] المعاريض لمندوحة عن الكذب".

وقال ابن أبي حاتم (٤٢): حدَّثنا أبي، حدَّثنا ابن أبي عمر، حدَّثنا سفيان، عن علي بن زيد بن جدْعان، عن أبي نَضْرَةَ، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله في كلمات إبراهيم الثلاث التي قال: "ما منها كلمة إلَّا ما حَلّ بها عن دين الله تعالى، ﴿فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ﴾، وقال: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾، وقال للملك حين أراد المرأة: هي أختي".

قال سفيان في قوله: ﴿فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ﴾ يعني: طعين. وكانوا يفرون من المطعون، فأراد أن يخلو بآلهتهم. وكذا قال العوفي، عن ابن عبَّاس: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ﴾، فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج. فقال: إني مطعون، فتركوه مخافة الطاعون.

وقال قَتَادة عن سعيد بن المسيب: رأى نجمًا طلع فقال: ﴿فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ﴾ كابد [٣] نبي الله عن دينها ﴿فَقَال إِنِّي سَقِيمٌ﴾.


(٤٠) - صحيح، تفسير ابن جرير (٢٣/ ٧١) ورواه البزار -كما في "قصص الأنبياء" للمصنف و"الفتح" لابن حجر (٦/ ٣٩١) - وأَبو داود، كتاب الطلاق (٢٢١٢) والنَّسائي في "الكبرى" (٥/ ٨٣٧٤)، وأبو يعلى (١٠/ ٩، ٦٠٣) - ومن طريقه ابن عساكر (٢/ ٣٢١ / مخطوط) - وابن حبان (١٣/ ٥٧٣٧) من طريق هشام بن حسان به، ورواه البخاري، كتاب البيوع (٢٢١٧) - وانظر أطرافه ثمة - ومسلم في الفضائل (٢٣٧١) وغيرهم عن أبي هريرة به.
(٤١) - بوب به البخاري باب رقم (١١٦) من كتاب "الأدب" داخل صحيحه، دون أن ينسبه لأحد، وقد رُوِيَ مرفوعًا إلى النبي من حديث عمران بن حصين وعلي بن أبي طالب، ولا يصح، وقد صح موقوفًا على عمران وعمر بن الخطاب، انظر "فتح الباري" للحافظ ابن حجر (١٠/ ٥٩٤) و"الضعيفة" لأبي عبد الرحمن الألباني (٣/ ١٠٩٤).
(٤٢) - إسناده ضعيف. ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢/ ٣٢٠ / مخطوط) من طريق الحسين بن إسماعيل نا أَبو حاتم الرازي نا عثمان بن مطيع بن إبراهيم نا سفيان به، ورواه التِّرمِذي، كتاب: =