للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعملونه. وكلا القولين متلازم، والأول أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب "أفعال العباد" (٤٤)، عن علي بن المديني؛ عن مروان [١] بن معاوية، عن أبي مالك، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش [٢]، عن حذيفة مرفوعًا قال [٣]: "إن الله يصنع كل صانع وصنعته". وقرأ بعضهم: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إني أخذه باليد والقهر، فقالوا: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾. وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في "سورة الأنبياء"، ونجاه الله من النار وأظهره عليهم، وأعلى حجته ونصرها؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾.

﴿وَقَال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَال يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَال يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَينَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ


(٤٤) - صحيح، رقم (١١٧) ومن طريق البخاري رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٢/ ٣٠، ٣١) ورواه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٣١) - وعنه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٢ / رقم ٨٢٥) - وفي "شعب الإيمان" (١ / رقم ١٩٠) من طريق علي بن المديني به. دون ذكر الآية ورواه ابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٣٥٨) والبزار في مسنده (٧/ ٢٨٣٧ / البحر الزخار) ونقله ابن حجر في "مختصر زوائد البزار" (٢/ ١٦٠٣) وابن منده في "التوحيد" (١/ ١١٥) - واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (٣/ ٩٤٣) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١ / رقم ٣٧) وفي "الاعتقاد" (٣٧٧) من طرق عن مروان بن معاوية به. وصحح إسناده ابن حجر غير أن البزار أعله فقال: "هذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي إلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ورواه غير مروان موقوفًا كذا قال: وتابع مروان على رفعه.
١ - الفضيل بن سليمان عن أبي مالك به، رواه من هذا الوجه ابن أبي عاصم (١/ ٥٧٣) وابن عدي في "الكامل" (٦/ ٢٠٤٦) والحاكم (١/ ٣١، ٣٢) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وأقرهما أَبو عبد الرحمن الألباني في "الصحيحة" (١/ ١٦٣٧) وهو كما قالوا فقد روى مسلم حديث رقم (٥٢) (١٠٠٥) بهذا الإسناد وأغرب ابن عدي فقال: "لا أعلم يرويه عن أبي مالك غير فصيل بهذا الإسناد!!
٢ - وتابعهما أَبو خالد الأحمر سليمان بن حيان ويسين الزيات ويحيى بن زكريا - مفرقًا - عن أبي مالك به. رواه من هذه الوجوه "المحاملي" في "أماليه" (٣٢٥) واللالكائي (٩٤٢) وأَبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار" (٢١٧) وأَبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٢٠) - وقد رواه البخاري (١١٨، ١١٩) من طريق (أبي معاوية ووكيع) عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة موقوفًا به وهذه لا تقدح في صحة الرواية الموصولة؛ لأن ربعي بن حراش ثقة فاضل وأثبت من شفيق بن سلمة. وبالله التوفيق.