للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذريته عقب [١] ونسل، وقد قدمنا هناك أنَّه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير، لأن الله قد وعدها بأنه سيعقب، ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرًا، وإسماعيل وصف هاهنا بالحليم، لأنه مناسب [٢] لهذا المقام.

وقوله: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ أي: كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه، وقد كان إبراهيم يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد "فاران" وينظر في أمرهما، وقد ذكر أنَّه كان يركب على البراق سريعًا إلى هناك، فالله أعلم.

وعن ابن عبَّاس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء الخراساني، وزيد بن أسلم، وغيرهم: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾، بمعنى: شب وارتحل [٣] وأطاق ما يفعله أَبوه من السعي والعمل، ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَال يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾، [قال عبيد بن عمير (٤٥): رؤيا الأنبياء وحي، ثم تلا هذه الآية: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَال يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾] [٤].

وقد قال ابن أبي حاتم (٤٦): حدَّثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدَّثنا [٥] أَبو عبد الملك الكرندي، حدَّثنا سفيان بن عيينة، عن إسرائيل بن يونس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن


(٤٥) - أخرجه البخاري، كتاب: الوضوء، باب: التخفيف في الوضوء (١٣٨)، كتاب: الأذان، باب: وضوء الصبيان (٨٥٩) بسنده عن عبيد بن عمير قوله، وقال الحافظ في "الفتح" (١/ ٢٣٩) قوله: "رؤيا الأنبياء وحي" رواه مسلم مرفوعًا وسيأتي في التوحيد - (٧٥١٧) - من رواية شريك عن أَنس "وهو غير موجود في مسلم بهذا اللفظ، ولعل الحافظ أراد معناه فانظر (١٢٥) (٧٣٨) من صحيح مسلم وانظر ما بعده.
(٤٦) - إسناده ضعيف مرفوعًا، وصح موقوفًا.
وعزاه إلى ابن أبي حاتم السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٥٢٨) - ورواية سماك عن عكرمة مضطربة كما قال ابن المديني وغيره، وراويه عن ابن عيينة (أَبو عبد الملك الكرندي) لم أهتد لترجمته ويحتمل أن يكون أحد الهلكى المجهولين حيث رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٤٦٣) وابن جرير في تفسيره (١٥/ ١٨٧٧٨١ / شاكر) من طريق أبي أحمد الزيبري وابن جرير أيضًا (١٥/ ١٨٧٧٩ / شاكر) من طريق أبي أسامة، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/ ١٢٣٠٢) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والحاكم (٢/ ٤٣١) من طريق محمد بن جعثم الصنعاني (٤/ ٣٩٦) من طريق قبيصة بن عقبة، خمستهم (أَبو أحمد وأَبو أسامة والفريابي والصنعاني وقبيصة عن سفيان الثَّوري، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس به موقوفًا. وصححه الحاكم في الموضع الأول على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وفي حاشية "المطالب العالية" (٣/ ٢٨٢٤) قال البوصيري: "رواته ثقات"!! وسماك: صدوق، وإنما روى له البخاري تعليقًا، وقد استدرك ذلك الحاكم في الموضع الثاني، واكتفى بتصحيحه على شرط مسلم وأعله الهيثمي في "المجمع" =