للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هريرة … فذكره بطوله، وقال في آخره: وأوحى الله إلى إسحاق [أني أعطيتك] [١] دعوة أستجيب لك فيها. قال إسحاق: اللهم، إني أدعو أن تستجيب لي: أيُّما عَبْد لقيك من الأولين والآخرين، لا يشرك بك شيئًا، فأدخله الجنَّة.

وقال ابن أبي حاتم (٥٢): حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمد بن الوزير الدمشقي، حدَّثنا الوليد في مسلم، حدَّثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي، وبين أن أختبئ شفاعتي، فاختبأت شفاعتي، ورجوت أن تكفر الجمّ لأمتي، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي، إن الله لما فرج عن إسحاق كرْبَ الذبح قيل له: يا إسحاق، سَل تُعْطَهْ. فقال: أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان، اللَّهم؛ من مات لا يشرك بك شيئًا فاغفر له وأدخله الجنَّة".

هذا حديث غريب منكر، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث، وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة، وهي قوله: "إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق … " إلى آخره، والله أعلم. فهذا إن كان محفوظًا فالأشبه أن السياق إنما هو عن "إسماعيل"، وإنما حرفوه بإسحاق، حَسَدًا منهم كما تقدم، وإلا فالمناسك والذبائح إنما محلها بمنى [من أرض مكة، حيث كان إسماعيل لا إسحاق، فإنه إنما كان ببلاد كنعان] [٢] من أرض الشام.

وقوله تعالى: ﴿وَنَادَينَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ أي: قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح.

وذكر السَّدي وغيره أنَّه أَمَرَّ السكين على رقبته فلم تقطع شيئًا، بل حال بينها وبينه صفيحة من نحاس، ونودي إبراهيم عند ذلك: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾.


(٥٢) - منكر.
وعزاه إلى ابن أبي حاتم السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٥٣١). ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٧/ ٦٩٩٤) ثنا محمد بن عبد الله بن عمير، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم به. وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلَّا ابنه عبد الرحمن، تفرد به الوليد بن مسلم" وهو ثقة يُدلس ويُسوى غير أن شيخه هو المتهم بهذا الحديث، فقد استنكره ابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٥٨٣) و"عبد الرحمن بن زيد" وقال الهيثمي في "المجمع" (٨/ ٢٠٦): "وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف، وشيخ الطبراني لم أعرفه" وكذا لم أهتد لترجمته غير أنَّه منالع من رواية ابن أبي حاتم، والحديث استنكره أَبو حاتم الرازي -كما في "العلل" لابنه (٢/ ٢١٤٨) - وضعف إسناده السيوطي ورقم به أَبو عبد الرحمن الألباني حديث (٣٣٣) من "الضعيفة".