للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مفصولة، والوقف عليها. ومنهم من حكى عن المصحف الإمام فيما ذكره [بن جرير] [١] أنها متصلة بحين: (ولا تحين مناص). والمشهور الأول. ثم قرأ لجمهور بنصب ﴿حِينَ﴾، تقديره: وليس الحين حينَ مناص. ومنهم من جوز النصب بها، وأنشد:

تَذَكُرَ حَبَّ لَيلَى لَاتَ حِينا … وَأَضْحَى الشَّيبَ قَدْ قَطَعَ الْقَرِينا

ومنهم من جَوَّز الجر بها، وأنشد:

طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلَاتَ أوَانٍ … فَأَجَبنَا أَنْ لَيسَ حَين بَقَاءِ

وأنشد بعضهم أيضًا:

ولاتَ ساعةِ مَنْدَمِ [٢].

بخفض الساعة، وأهل اللغة يقولون: "النوص: التأخر، والبوص: التقدم"؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ أي: ليس الحين حين فرار ولا ذهاب.

﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَال الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إلا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيهِ الذِّكْرُ مِنْ بَينِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (١٠) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١)

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في تعجبهم من بعثه الرسول بشرًا، كما قال تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَينَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَال الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾، وقال هاهنا: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ أي: بشر مثلهم، ﴿وَقَال الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ أي: أزعم أن المعبود [٣] واحد لا إله إلا هو؟! أنكر المشركون ذلك -قَبَّحهم الله تعالى- وتعجبوا من ترك الشرك بالله، فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وَأشربته


[١]- ما بين المعكوفتين بياض في خ، ز.
[٢]- في ز: "مسند".
[٣]- بعده في ز، خ: إلهًا.