للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة نحوه. ثم روى ابن جرير [عن الحسن] [١] نحو ذلك أيضًا.

وفي الحديث: "النجوم أمنة للسماء [٢] فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمَنَة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعَدون" (١٨).

ثم قال تعالى: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي: خذ بالقرآن [المنزل] [٣] على قلبك، فإنه [] [٤] الحق، وما يهدي [٥] إليه هو الحق المفضِي إلى صراط الله المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، والخير الدائم المقيم.

ثم قال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾، قيل [٦]: معناه لشرف لك ولقومك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، وابن زيد. واختاره ابن جرير ولم يحك سواه.

وأورد البغَويّ هاهنا حديثَ الزهري، عن محمد بن جُبير بن مُطعم، عن معاوية قال: سمعت رسول الله يقول: "إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبَّه الله على وجهه ما أقاموا الدين". رواه البخاري (١٩).

ومعناه: أنه شرف لهم من حيث إنه أنزلَ بلغتهم، فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوَم الناس به وأعملهم بمقتضاه، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخُلَّص من المهاجرين السابقين الأولين، ومن شابههم وتابعهم.

وقيل: معناه: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ أي: لتذكير لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم، كقوله: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ وكقوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾.

﴿وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ أي: عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له.

وقوله: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾


(١٨) - رواه مسلم، كتاب: فضائل الصحابة (٢٠٧) (٢٥٣١) من حديث أبي موسى الأشعري، وبقية الحديث: " … وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون.
(١٩) - رواه البخاري، كتاب: المناقب قريش (٣٥٠٠)، وكذا رواه أحمد (٤/ ٩٤) والنسائي في الكبرى، كتاب: السير (٥/ ٨٧٥٠) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به.