للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: جميع الرسل دَعَوا إلى ما دَعَوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، ونَهوا عن عبادة الأصنام والأنداد، كقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، قال مجاهد: في قراءة عبد الله بن مسعود: (واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا). وهكذا [١] حكاه قتادة والضحاك والسدى عن ابن مسعود. وهذا كأنه تفسير لا تلاوة، والله أعلم.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: واسألهم ليلة الإسراء فإن الأنبياء جمعوا له. واختار ابن جرير الأول (٢٠).

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَال إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقَالُوا يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠)

يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله موسى : أنه ابتعثه إلى فرعون وملئه من الأمراء والوزراء والقادة، والأتباع والرعايا، من القبط وبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه، وأنه بعث معه آيات عظامًا كَيَده وعصاه، وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات، ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها، وكذبوها [وسخروا منها] [٢]، وضحكوا ممن جاءهم بها. ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾، ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم، وجهلهم وخبالهم. وكلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى موسى ويتلطفون له في العبارة بقولهم: ﴿يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ﴾ أي: العالم، قاله ابن جرير (٢١).

وكان علماء زمانهم هم السحرة. ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذمومًا، فليس هذا


(٢٠) - انظر تفسيره (٢٥/ ٧٨).
(٢١) - انظر تفسيره (٢٥/ ٨٠).