للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوي عن ابن عمر، وأبي مالك، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد من السلف.

وقوله: ﴿حَكِيمٍ﴾ أي: محكم، لا يبدل ولا يغير؛ ولهذا قال: ﴿أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا﴾ أي: جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه، ﴿إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ أي: إلى الناس، رسولًا يتلو عليهم آيات الله مبينات، فإن الحاجة كانت ماسة إليه؛ ولهذا قال: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَينَهُمَا﴾ أي: الذي أنزل هذا القرآن هو رب السموات والأرض وخالقهما ومالكهما وما فيهما، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ أي: إن كنتم متحققين.

ثم قال: ﴿لَا إِلَهَ إلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾، وهذه الآية كقوله تعالى ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ الآية.

﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)

يقول تعالى: بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون، أي: قد جاءهم الحق اليقين، وهم يشكون فيه ويمترون، ولا يصدقون به، ثم قال تعالى متوعدًا لهم ومتهددًا: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾.

قال سليمان بن مهْرَانَ الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق قال: دخلنا المسجد -يعني مسجد الكوفة- عند أبواب كندة، فإذا رجل يقص على أصحابه: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾، تدرون ما ذلك الدخان؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام. قال: فأتينا ابن مسعود فذكرنا ذلك له، وكان مضطجعًا ففزع فقعد، وقال: إن الله ﷿ قال لنبيكم : ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾، إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. سأحدثكم عن ذلك، إن قريشًا لما [١] أبطأت عن الإِسلام


[١]- سقط من: ز، خ.