للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَبْأ قال: هو الدُّخّ. فقال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك قال: وخبأ له رسول الله : ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ (٨).

وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب، وابن صياد كاشف على طريقة الكهان بلسان [١] الجان، وهم يُقَرطمون العبارة؛ ولهذا قال: هو [٢] الدخ، يعني: الدخان. فعندها عرف رسول الله مادته وأنها شيطانية، فقال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك".

ثم قال ابن جرير: وحدثني عصام بن رَواد بن الجراح، حدثنا أبي، حدثنا سفيان بن سعيد الثوري، حدثنا منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حِرَاش [٣]؛ قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله : "إن أول الآيات الدخان [٤]، ونزول عيسى ابن مريم، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر، تقيل معهم إذا قالوا، والدخان- قال حذيفة: يا رسول الله؟ وما الدخان؟ خلا رسول الله هذه الآية: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ - يملأ مما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يومًا وليلة، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر [فيكون بمنزلة] [٥] السكران [٦] يخرج من منخريه وأذنيه ودبره" (٩).

قال ابن جرير: لو صح هذا الحديث لكان فاصلًا، وإنما لم أشهد له بالصحة، لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل روادًا عن هذا الحدث: هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا. قال: فقلت: أقرأته عليه؟ قال: لا. قال: فقلت له: فقُرئ عليه وأنت حاضر [فأقر به] [٧]؟ فقال: لا. فقلت له: فمن أين جئت به؟! فقال: جاءني به قوم فعرضوه عليَّ، وقالوا لي: اسمعه منا. فقرءوه عليَّ ثم ذهبوا به [٨]، فحدثوا به عني، أو كما قال (١٠).

وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا، فإنه موضوع بهذا السند، وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير، وفيه منكرات كثيرة جدا، ولا سيما في أول سورة "بني إسرائيل" في ذكر المسجد الأقصى، والله أعلم.


(٨) - صحيح البخاري (٣٠٥٥) ومسلم (٢٩٣٠) من حديث ابن عمر.
(٩) - تفسير الطبري (٢٥/ ٦٨).
(١٠) - تفسير الطبري (٢٥/ ٦٨).