للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكَاذِبُونَ﴾ والثاني: أن يكون المراد: إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلًا بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال [١]، ولا يلزم من [٢] الكشف عنهم أن يكون باشرهم [٣]، [كقوله تعالى: ﴿إلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾، ولم يكن العذاب باشرهم] [٤] واتصل بهم، بل كان قد انعقد سببه عليهم، ولا يلزم أيضًا أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه.

قال الله تعالى إخبارًا عن شعيب أنه قال لقومه حين قالوا: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَال أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَينَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا﴾. وشعيب لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم.

وقال قتادة: ﴿إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ إلى عذاب الله.

وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾، فسر ذلك ابن مسعود بيوم بدر. وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم، وروي أيضًا عن [٥] ابن عباس من رواية العوفي، عنه. وعن أبيّ بن كعب وجماعة [٦]، وهو محتمل.

والظاهر أن ذلك يوم القيامة وإن كان يوم بدْر يوم بطشة أيضًا.

قال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة؛ قال: قال ابن عباس: قال ابن مسعود: البطشة الكبرى ورم بدر، وأنا أفول: هي يوم القيامة (١٣). وهذا إسناد صحيح عنه، وبه يقول الحسن البصري، وعكرمة في أصح الروايتين عنه.

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣)


(١٣) - تفسير الطبري (٢٥/ ٧٠).