للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨) فَمَا بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّينَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالمِينَ (٣٢) وَآتَينَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (٣٣)

يقول تعالى: ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون، وهم قبط مصر، ﴿وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾، يعني موسى كليمه : ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾، كقوله: ﴿فَأَرْسِلْ [١] مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾.

وقوله: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ أي مأمون على ما أبلغكموه. وقوله: ﴿وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ﴾، أي: لا تستكبروا عن اتباع آياته، والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾.

﴿إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾، أي: بحجة ظاهرة واضحة، وهي ما أرسله الله به من الآيات البينات والأدلة القاطعات [٢].

﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ﴾ قال ابن عباس وأبو صالح: هو الرجم باللسان وهو الشتم، وقال قتادة: الرجم [٣] بالحجارة، أي: أعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم أن تصلوا إليّ بسوءٍ من قول أو فعل.

﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾، أي: فلا تتعرضوا [٤] لي ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا، فلما طال مقامه دين أظهرهم، وأقام حجج الله عليهم، كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرًا وعِنادًا، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم، كما قال تعالى:


[١]- في ز، خ: "أن أرسل".
[٢]- في ت: "القاطعة".
[٣]- في ز، خ: "بالرجم".
[٤]- في ز، خ: "تعرضوا".