للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر تروى من ستة عشر ذراعًا، لما قدروا ودبروا من قناطرها وجسورها وخلجها [١]، ﴿وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ﴾، أي: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاءوا ويلبسون ما أحبوا، مع الأموال والجاهات والحكم في البلاد، فسلبوا ذلك جميعه في صبيحة واحدة، و [٢] فارقوا الدنيا وصاروا إلى جهنم وبئس المصير، واستولى على البلاد المصرية وتلك الحواصل الفرعونية والممالك القبطية بنو إسرائيل، كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾، وقال في موضع آخر: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ وقال هاهنا: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ وهم بنو [٣] إسرائيل كما تقدم.

وقوله: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾. أي: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله فيها [٤] فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم، وعتوهم وعنادهم.

قال الحافظ أبو يعلى الموصلى في مسنده: حدثنا أحمد بن إسحاق البصري، حدثنا مكي [٥] ابن إبراهيم، حدثنا موسى بن عبيدة، حدثني يزيد الرّقاشي، حدثني أنس بن مالك، عن النبي قال: "ما من عبد إلا وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل فيه [٦] عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه"، وتلا هذه الآية: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ﴾. وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملًا صالحًا يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب، ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم (١٤).

ورواه [٧] ابن أبي حاتم من حديث موسى بن عبيدة [٨]، وهو الربذي.

وقال ابن جرير: حدثني يحيى بن طلحة، حدثنا عيسى بن يونس، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عُبيد الحضرمي؛ قال: قال رسول الله : "إن الإِسلام بدأ


(١٤) - مسند أبي يعلى (٧/ ١٦٠) ورواه الترمذي (٣٢٥٥) مختصرًا. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، موسى بن عبيدة ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث.
==
[١]- في ز، خ: "وخليجها".
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- في ز، خ: "بنى".
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- في خ: "بكر".
[٦]- في ت: "منه".
[٧]- في ت: "رواه".
[٨]- في ز: "عبدة".