للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ أي: يرون وقوعه بعيدًا والمؤمنون يرون ذلك سهلًا قريبًا.

﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، الحاكم فيهما في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ﴾ أي: يوم القيامة ﴿يَوْمَئِذٍ [١] يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ﴾، وهم الكافرون بالله الجاحدون ما أنزله على رسله من الآيات البينات والدلائل الواضحات.

وقال ابن أبي حاتم: قَدِمَ سفيان الثوري المدينة، فسمع المَعَافريّ يتكلم ببعض ما ضحك به الناس. فقال له: يا شيخ، أما علمتَ أن لله يومًا يخسر فيه المبطلون؟ قال: فما زالت تعرف في المعافري [٢] حتى لحق بالله ﷿. ذكره ابن أبي حاتم.

ثم قال: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ أي: على ركبها من الشدة والعظمة، ويقال: إن هذا إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه، حتى إبراهيم الخليل، ويقول: نفسي، نفسي، نفسي، لا أسألك اليوم إلا نفسي. وحتى إن عيسى ليقول: لا أسألك اليوم إلا نفسي، لا أسألك مريم التي ولدتني.

قال مجاهد، وكعب الأحبار، والحسن البصري: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ أي: على الركب.

وقال عكرمة: جاثية متميزة على ناحيتها، وليس على الركب. والأول أولى.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عبد الله بن باباه: أن رسول الله قال: "كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم" (١٠).

وقال إسماعيل بن رافع المديني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث الصور [٣]: فيتميز الناس، وتجثو الأمم" (١١)، وهي التي يقول الله: ﴿وَتَرَى كُلَّ


(١٠) - ورواه نعيم في زوائد زهد ابن المبارك برقم (٣٦٠)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٢٩٩) من طريق ابن عيينة به.
(١١) - حديث الصور تقدم عند الآية (٧٣) من سورة الأنعام.