للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه، وهو المراد من لحن القول، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان : ما أسَرَّ أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات [١]، وجهه، وفلتات لسانه (٣٨).

وفي الحديث (٣٩): " ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر". وقد ذكرنا ما يستدل به علي نفاق الرجل، وتكلمنا علي نفاق العمل والاعتقاد في أول "شرح البخاري"، بما أغنى عن إعادته هاهنا. [وقد ورد في الحديث تعيين جماعة من المنافقين] [٢].

قال الإمام أحمد (٤٠): حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن سلمة، عن عياض بن عياض، عن أبيه، عن أبي [٣] مسعود عقبة بن عمرو قال: خَطبنا رسول الله خطبةً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن منكم منافقين، فمن سميت فليقم. ثم قال: قم يا فلان، قم [٤] يا فلان، قم [٥]، يا فلان -حتى سمى ستةً وثلاثين رجلا- ثم قال: إن فيكم -أو: منكم- فاتقوا الله. قال [٦]: فمر عمر برجل ممن سمى مُقَنّع قد كان يعرفه، فقال: ما لك؟ فحدثه بما قال رسول الله ، فقال: بعدًا لك سائر اليوم.

وقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ أي: ولنختبرنكم بالأوامر والنواهي، ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾. وليس في تَقَدّم علم الله تعالى بما هو كائن أنه سيكون شك ولا ريب، فالمراد: حتى نعلم وقوعه؛ ولهذا يقول ابن عباس في مثل هذا: إلا لنعلم، أي: لنرى.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى


(٣٨) - انظر سورة الفتح الآية (٢٩).
(٣٩) - انظر سورة الفتح الآية (٢٩).
(٤٠) - المسند (٥/ ٢٧٣) (٢٢٤٤٩، ٢٢٤٥٠)، وعبد بن حميد (٢٣٧ - منتخب) عن أبي نعيم عن سفيان به. والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١٧/ ٢٤٦ / رقم: ٦٨٧). من نفس طريق أحمد. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١١٢) وعزاه لأحمد والطبراني في الكبير وقال: "وفيه عياض بن عياض عن أبيه، ولم أر من ترجمهما".