للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾.

﴿وَقَال قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قَال قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قَال لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)﴾.

يقول تعالى مخبرًا [١] عن الملك الموكل بعمل ابن آدم: إنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل، ويقول: ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ أي: معتَدّ محضر بلا زيادة ولا نقصان.

وقال مجاهد: هذا كلام الملك السائق يقول: هذا ابن آدم الذي وكلتني به قد أحضرته.

وقد اختار ابن جرير أنه يعم السائق والشهيد، وله اتجاه [٢] وقوة.

فعند ذلك يحكم الله في الخليقة بالعدل فيقول: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾.

وقد اختلف النحاة في قوله: ﴿أَلْقِيَا﴾، فقال بعضهم: هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية، كما روي عن الحجاج أنه كان يقول: يا حرسي، اضربا عنقه. ومما [٣] أنشد ابن جرير علي هذه اللغة قول الشاعر:

فإن تزجراني -يا بن عفان- أنزجر … وإن تتركاني أحم عرضًا ممنعًا

وقيل: بل هي نون التوكيد، سهلت إلى الألف. وهذا بعيد؛ لأَن هذا إنما يكون في الوقف، والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد، فالسائق أحضره إلى عرصة الحساب، فلما أدى الشهيد عليه، أمرهما الله تعالى بإلقائه في نار جهنم وبئس المصير.

﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ أي: كثير الكفر والتكذيب بالحق، ﴿عَنِيدٍ﴾:


[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- في ز: الحياة.
[٣]- في ز، خ: وفيما.