للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معاند للحق، معارض له بالباطل مع علمه بذلك. ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيرِ﴾ أي: لا يؤدي ما عليه من الحقوق، ولا بر فيه ولا صِلة ولا صدقة، ﴿مُعْتَد﴾ أي فيما ينفقه ويصرفه، يتجاوز فيه الحد.

وقال قتادة: معتد في منطقه وسيرته وأمره.

﴿مُرِيبٍ﴾ أي: شاك في [١] أمره، مريب لمن نظر في أمره. ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ أي: أشرك بالله فعبد معه غيره، ﴿فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾. وقد تقدم في الحديث أن [٢] عُنقًا من النار يبرز للخلائق فينادي بصوت يسمع الخلائق: إني وكلت بثلاثة؛ بكل جبار عنيد، ومن جعل مع الله إلهًا آخر، وبالمصورين. ثم تلوى عليهم (٢٢).

قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية -هو ابن هشام- حدثنا شيبان، عن فِرَاس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن نبي الله ؛ أنه قال: "يخرج عُنُق من النار يتكلم، يقول: وكلت اليوم بثلاثة: بكل جبار، ومن جعل مع الله إلهًا آخر، ومن قتل نفسًا بغير نفس. فتنطوي عليهم، فتقذفهم في غمرات جهنم" (٢٣).

﴿قَال قَرِينُهُ﴾. قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وغيرهم: هو الشيطان الذي وُكِّل به. ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيتُهُ﴾ أي: يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامة كافرًا، يتبرأ منه شيطانه، فيقول: ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيتُهُ﴾ أي: ما أضللته، ﴿وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ أي: بل كان هو في نفسه ضالًّا قابلًا للباطل معاندًا للحق. كما أخبر تعالى في


(٢٢) - أخرجه الترمذي في كتاب: صفة جهنم، باب: ما جاء في صفة النار، حديث (٢٥٧٧) (٧/ ٢٤٧ - ٢٤٨). وأحمد (٢/ ٣٣٦). كلاهما من طريق عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بإسناد صحيح. والحديث مخرج في الصحيحة برقم (٥١٢).
(٢٣) - أخرجه أحمد (٣/ ٤٠) (١١٣٧٠). وأخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (٨٩٦)، وابن أبي شيبة في المصنف، كتاب ذكر النار، باب: ما ذكر فيما أعد لأهل النار وشدته (٢٥) (٨/ ٩٥)، وأبو يعلى في مسنده (١١٣٨، ١١٤٦)، والطبراني في "الأوسط" (٣٩٨١) (٤/ ٢٠٣)، والبزار (٣٥٠٠) (٤/ ١٨٥). من طرق عن عطية به.
وأخرجه الطبراني (٣١٨) (١/ ١٠٣) من طريق موسى بن أعين عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي سعيد به. وهذا إسناد صحيح لو كان سعد بن عبيدة سمع من أبي سعيد، فإني لم أجد من صرح أنه روى عنه غير أنه روى عن البراء بن عازب والمغيرة بن شعبة.
وذكره الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٩٥) وقال: رواه البزار .. وأحمد باختصار وأبو يعلى بنحوه، والطبراني في الأوسط، وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح. =