للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾، أي: الجئوا إليه، واعتمدوا في أموركم عليه، ﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) [وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾، أي: لا تشركوا به شيئًا، ﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾] [١].

﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)

يقول تعالى مسليًا نبيه : وكما قال لك [٢] هؤلاء المشركون، قال المكذبون الأولون لرسهم: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾!. قال الله تعالى: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾؛ أي: أوَصى بعضهم بعضًا بهذه المقالة؟ ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي: لكن هم قوم طغاة، تشابهت قلوبهم، فقال متأخرهم كما قال متقدمهم. قال الله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي؛ فأعرض عنهم يا محمَّد، ﴿فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾، يعني: فما نلومك على ذلك، ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، أي: إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.

ثم قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي لا لاحتياجي إليهم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعًا أو كرهًا. وهذا اختيار ابن جرير.

وقال ابن جريج: إلا ليعرفون. وقال الربيع بن أنس: ﴿إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ أي: إلا للعبادة. وقال السدي: من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾، هذا منهم عبادة، وليس ينفعهم مع الشرك. وقال


[١]- سقط من ز.
[٢]- سقط من خ.