للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠)

يخبر تعالى عن حال السعداء فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾، وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال، ﴿فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ أي: يتفكهون بما آتاهم اللَّه من النعيم، من أصناف الملاذ؛ من كل ومشارب وملاس ومساكنَ ومراكب وغير ذلك، ﴿وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ أبي: وقد نجاهم من عذاب النار، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حِدَتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة، التي فيها من السرور ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَر على قلب بشر.

وقوله: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، كقوله: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ أي: هذا بذاك، تفضلًا منه وإحسانًا.

وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ﴾، قال الثوري، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس: السرر [١] في الحجَال.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أي، حدثنا أبو [٢] اليمان، حدثنا صفوان بن عمرو؛ أنه سمع الهيثم بن مالك الطائي يقول: إن رسول اللَّه يقول [٣]: "إن الرجل ليتكئ [٤] المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه [٥] [ولا يمله] [٦] يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه" (١٢).

وحدثنا أبي، حدثنا هُدْبَة بن خالد، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: بلغنا أن الرجل ليتكئ [٧] في الجنة سبعين سنة، عنده من أزواجه وخَدمه وما أعطاه اللَّه من الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رَآهُنّ [٨] قبك ذلك، فيقلن: قد آن [٩] لك أن تجعل لنا منك نصيبًا.

ومعنى ﴿مَصْفُوفَةٍ﴾ أي: وجوه بعضهم إلى بعض؛ كقوله: ﴿عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾. ﴿وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ أي: وجعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حسانًا [١٠] من


(١٢) - إسناده مرسل؛ فالهيثم بن مالك الطائي تابعي.