للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماوات والأرض؟، وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله، وهم يعلمون أنه الخالق وحده، لا شريك له. ولكن عدم إيقانهم هو الذي [١] يحملهم على ذلك، ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيطِرُونَ﴾؟ أي [٢]: أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن، ﴿أَمْ هُمُ الْمُصَيطِرُونَ﴾؟ أي: المحاسبون للخلائق، ليس الأمر كذلك، بل الله ﷿ هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.

وقوله: ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ﴾ أي: مرقاة إلى الملأ الأعلى، ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ أي: فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال، أي: وليس لهم سبيل إلى ذلك، فليسوا على شيء، ولا لهم دليل.

ثم قال منكرًا عليهم فيما نسبوه إليه من البنات، وجَعلهم الملائكة إناثًا، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإِناث، بحيث إذا بُشّر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًّا وهو كظيم. هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله، وعبدوهم [٣] مع الله، فقال: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾؟. وهذا تهديد شديد [٤] ووعيد أكيد [٥]، ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا﴾؟ أي: أجرة على إبلاغك إياهم رسالة الله؟ أي: لست تسألهم على ذلك شيئًا، ﴿فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾ أي: فإنهم [٦] من أدنى شيء يتبرمون منه، ويثقلهم ويشق عليهم، ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾، أي: ليس الأمر كذلك، فإنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا الله، ﴿أَمْ يُرِيدُونَ كَيدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ﴾ يقول تعالى: أم يريدُ هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه، فكيدُهم إنما يرجع وباله على أنفسهم، فالذين كفروا هم المكيدون، ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله. ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون، فقال: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.

﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيدُهُمْ شَيئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ


[١]- سقط من ز.
[٢]- سقط من ز.
[٣]- في ز، خ: وعنادهم.
[٤]- سقط من ز، خ.
[٥]- سقط من ز، خ.
[٦]- في ت: فهم.