للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمانَ فأثنى عليه في وجهه، قال: فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول: أمَرَنا رسولُ الله إذا لقينا المداحين أن نحثوَ في وجوههم التراب (٧٦).

ورواه مسلم وأبو داود من حديث الثوري عن منصور به (٧٧).

﴿أَفَرَأَيتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١)

يقول تعالى ذامًّا لمن تولَّى عن طاعة الله: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾، ﴿وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى﴾ قال ابن عباس: أطاع قليلًا ثم قطعه. وكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، وغير واحد.

قال عكرمة، وسعيد: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرًا، فيجدون في أثناء الحفر صخرةً تمنعهم من تمام العمل، فيقولون: أكدينا، ويتركون العمل.

وقوله: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيبِ فَهُوَ يَرَى﴾ أي: أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى قد أمسك عن معروفه، فهو يرى ذلك عيانًا؟! أي: ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلًا وشحًّا وهلعًا؛ ولهذا جاء في الحديث: "أنفق بلال [١] ولا


= (٦٥، ٦٦/ ٣٠٠٠) (١٨/ ١٧١ - ١٧٢). وأبو داود في كتاب: الأدب، باب: في كراهية التمادح، حديث (٤٨٠٥) (٤/ ٢٥٤). وابن ماجة في كتاب الأدب، باب: المدح، حديث (٣٧٤٤) (٢/ ١٢٣٢).
(٧٦) - المسند (٦/ ٥) (٢٣٩٣٩). وإسناده رجاله ثقات.
(٧٧) - صحيح مسلم في كتاب: الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، حديث (٦٩ م / ٣٠٠٢) (١٨/ ١٧٣ - ١٧٤). وأبو داود في كتاب: الأدب، باب: في كراهية التمادح، حديث (٤٨٠٤) (٤/ ٢٥٤).