للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: ﴿وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾، أي: يوم القيامة.

وقال السدي: ﴿مُسْتَقِرٌّ﴾ أي: واقع.

وقوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ﴾، أي: من الأخبار عن قصص الأمم المكذبين بالرسل، وما حل بهم من العقاب والنكال والعذاب، مما يتلى عليهم في هذا القرآن، ﴿مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾، أي: ما فيه واعظ لهم عن الشرك والتمادي على التكذيب.

وقوله: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾، أي: في هدايته تعالى لمن هداه وإضلاله لمن أضله، ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ يعني أي شيء تغني النذر عمن كتب الله عليه الشقاوة، وختم على قلبه؟ فمن الذي يهديه من بعد الله؟ وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ [١] الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾. وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾

يقول تعالى: فتولّ يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون: هذا سحر مستمر، أعرض عنهم وانتظرهم ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيءٍ نُكُرٍ﴾، أي: إلى شيء منكر فظيع، وهو موقف الحساب، وما فيه من [البلاء، بل] [٢] والزلازل والأهوال، ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾، أي: ذليلة أبصارهم، ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾، وهي القبور، ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾، أي: كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي [٣] ﴿جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ﴾ في الآفاق، ولهذا قال: ﴿مُهْطِعِينَ﴾، أي: مسرعين ﴿إِلَى الدَّاعِ﴾، لا يخالفون ولا يتأخرون، ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾، أي: يوم شديد الهول عبوس قمطرير ﴿يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيرُ يَسِيرٍ﴾.

﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي


[١]- في ز: لله.
[٢]- في خ: والتلاتل.
[٣]- في ز: الداعي.