زياد مولى ابن مصعب عن الحسن ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ﴾. قال: ثلث الشعر، وثلث السحر، وثلث الكهانة.
وقال (٥٨٧): حدثنا الحسن بن أحمد، حدَّثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي، حدّثني سُرور [١] بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيمَانَ﴾ وتبعته [٢] اليهود على ملكه. وكان السحر قبل ذلك في الأرض لم يزل بها، ولكنه إنما اتبع على ملك سليمان.
فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام، ولا يخفى ملخص القصة والجمع بين أطرافها، وأنه لا تعارض بين السياقات على اللبيب الفَهم، والله الهادي.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيمَانَ﴾ أي: واتبعت اليهود الذين أوتوا الكتاب من [٣] بعد إعراضهم عن كتاب الله الذي بأيديهم ومخالفتهم لرسول الله محمد ﷺ ما تتلوه [٤] الشياطين، أي:[ما ترويه وتخبر به][٥] وتحدثه الشياطين على ملك سليمان. وعدّاه بـ "على"، لأنه ضمن "تتلو""تكذب".
وقال ابن جرير:"على" هاهنا بمعنى "في"، أي: تتلو في ملك سليمان. ونقله عن ابن جُرَيج، وابن إسحاق (قلت): والتضمين أحسن وأولى، والله أعلم.
وقول الحسن البصري ﵀:"و [٦] قد كان السحر قبل زمان [٧] سليمان بن داود" صحيح لا شك فيه؛ لأن السحرة كانوا في زمان موسى ﵇ وسليمان بن داود بعده، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. الآية. ثم ذكر [٨] القصة بعدها، وفيها: ﴿وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾. وقال قوم صالح - وهم قبل إبراهيم الخليل ﵇ - لنبيهم صالح: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ [أي: المسحورين على المشهور][٩].