للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحلوه من السحر، وأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين، وأنها تعلم الناس ذلك ببابل، وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت، فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس، وردًّا عليهم.

هذا لفظه بحروفه (٥٨٩).

وقد قال ابن أبي حاتم (٥٩٠): حدثت [١] عن عُبَيد الله بن موسى، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن عطية ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ﴾ قال: ما أنزل الله [٢] على جبريل، وميكائيل السحر.

[قال ابن أبي حاتم (٥٩١)] [٣]: وحدثنا الفضل [٤] بن شاذان، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا [معلى]-يعني ابن أسد- حدثنا بكر -يعني ابن مصعب- حدثنا الحسن بن أبي جعفر: أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها: "وما أنزل على الملكين داود وسليمان".

وقال أبو العالية: لم ينزل عليهما السحر، يقول [٥]: عَلِما الإيمان والكفر، فالسحر من الكفر، فهما ينهيان عنه أشدّ النهي. رواه ابن أبي حاتم.

ثم شرع ابن جرير في رد هذا القول، وأن (ما) بمعنى الذي، وأطال القول في ذلك، وارعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض، وأذن لهما في تعليم السحر، اختبارًا لعباده، وامتحانًا، بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل، وادعى: أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك؛ لأنهما امتثلا ما أمرا به.

وهذا الذي سلكه غريب جدًّا، وأغرب منه قول من زعم: أن هاروت وماروت قبيلان من الجن [كما زعمه ابن حزم] [٦].

وروى ابن أبي حاتم (٥٩٢) بإسناده، عن الضحاك بن مزاحم: أنه كان يقرؤها ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ﴾ ويقول: هما علجان من أهل بابل.

وَوَجَّه أصحاب هذا القول الإنزال بمعنى الخَلْق، لا بمعنى الإيحاء، في قوله تعالى: ﴿وَمَا


(٥٨٩) - تفسير ابن جرير (٢/ ٤١٩، ٤٢٠).
(٥٩٠) - إسناده ضعيف، والحديث عند ابن أبي حاتم برقم ١٠٠٦ - (١/ ٣٠٢).
(٥٩١) - رواه ابن حاتم ١٠٠٧ - (١/ ٣٠٢).
(٥٩٢) - إسناده ضعيف، فيه شعيب بن كيسان: ذكره البخاري في الضعفاء، ولينه العقيلي، والأثر عند ابن أبي حاتم ١٠٠٩ - (١/ ٣٠٣).، وفيه أيضًا ثابت بن جابان: مستور الحال.