للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾، ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾، ﴿وَيُنَزِّلُ [١] لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾. وفي الحديث: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء" (٥٩٣)، وكما يقال: "أنزل الله الخير والشر".

[وحكى القرطبي عن ابن عباس، وابن أبزى، رالحسن البصري: أنهم قرءوا ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ﴾ بكسر اللام، وقال ابن أبزى: وهما داود وسليمان. قال القرطبي: فعلى هذا تكون ما نافية أيضًا] [٢].

رذهب آخرون إلى الوقف على قوله: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [وما: نافية] [٣] قال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد: وسأله رجل عن قول الله تعالى ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ قال الرجل: يعلمان الناس السحر، و [٤] ما أنزل عليهما، أو يعلمان الناس ما لم ينزل عليهما؟ فقال القاسم: ما أبالي أيتهما كانت (٥٩٤).

ثم روى عن يونس، عن أنس بن عياض، عن بعض أصحابه: أن القاسم قال في هذه القصة: لا أبالي أي ذلك كان، إني آمنت به (٥٩٥).

وذهب كثيرون من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء، وأنهما أنزلا إلى الأرض فكان من أمرهما ما كان، وقد ورد في ذلك حديث مرفوع، رواه الإمام أحمد في مسنده- -كما سنورده إن شاء الله تعالى، وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا، وبين ما ورد [٥] من الدلائل على عصمة الملائكة- أن هذين سبق في علم الله لهما هذا، فيكون تخصيصًا لهما، فلا تعارض حينئذ، كما سبق في علمه من أمر إبليس ما سبق، رفي قول: إنه كان من الملائكة: لقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ أَبَى﴾ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك، مع أنّ شأن هاررت وماروت على


(٥٩٣) - رواه البخاري (٥٦٧٨) والنسائي في الطب وابن ماجه (٣٤٣٩) من حديث أبي هريرة.
ورواه النسائي في الوليمة والطب وابن ماجه من حديث ابن مسعود (٣٤٣٨).
(٥٩٤) - رواه ابن جرير برقم ١٦٧٨ - (٢/ ٤٢٣).
(٥٩٥) - رواه ابن جرير برقم ١٦٧٩ - (٢/ ٤٢٣، ٤٢٤).