للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد -[أو] [١]: مثل الجبال- ذهبًا، ما بلغتم أعمالهم" (٢٢).

ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح مكة، وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمة الذين بعث إليهم رسول الله خالد بن الوليد بعد الفتح، فجعلوا يقولون: "صبأنا صبأنا". فلم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا". فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم، فخالفه عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر وغيرهما، فاختصم خالد وعبد الرحمن بسبب ذلك.

والذي في الصحيح عن رسول الله أنه قال: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه" (٢٣).

وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث ابن وهب: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: خرجنا مع رسول الله عام الحديبية، حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله : "يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمال". فقلنا: من هم يا رسول الله؟ أقريش؟ قال: "لا، ولكن أهل اليمن، هم أرق أفئدَةَ وألين قلوبًا". فقلنا: هم خير منا يا رسول الله؟ قال: "لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه، ما أدرك مُدَّ أحدكم ولا نصيفه، ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس. ﴿لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (٢٤) [وهذا الحديث غريب بهذا السياق، والذي في الصحيحين من رواية جماعة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد -ذكر الخوارج-: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمية" (٢٥). الحديث.


(٢٢) - المسند (٣/ ٢٦٦) (١٣٨٤٠). قال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ١٩): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٢٣) - أخرجه البخاري في كتاب: فضائل الصحابة، باب: قول النبي : "لو كنت متخذا خليلًا" حديث (٣٦٧٣) (٧/ ٢١). ومسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة ، حديث (٢٢٢/ ٢٥٤١) (١٦/ ١٣٩).
(٢٤) - تفسير الطبري (٢٧/ ٢٢١). وهشام بن سعد صدوق له أوهام- كذا قال الحافظ. وبقية رجاله ثقات.
(٢٥) - أخرجه مسلم في كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من =