وقال ابن أبي حاتم (٦٠٦): حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، أخبرنا [١] عبيد الله -يعني ابن عمرو- عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، ويونس بن خباب، عن مجاهد قال: كنت نازلًا على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة قال لغلامه: انظر! هل [٢] طلعت الحمراء؟ لا مرحبًا بها ولا أهلًا، ولا حياها الله، هي صاحبة الملَكَين، قالت الملائكة: يارب [٣]؛ كيف تَدَعُ عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟
قال: إني قد ابتليتهم، فلعل [٤] إن [٥] ابتليتكم [٦] بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون. قالوا: لا. قال: فاختاووا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت، فقال لهما: إلى مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشهوة [٧]، وأهبطت لهما الأرض في أحسن صورة امرأة، فتعرّضت لهما، فراوداها [٨] عن نفسها.
فقالت: إني على دين لا يصح [٩] لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله. قالا: وما دينك. قالت: المجوسية، قالا: الشرك! هذا شيء لا نقرّ به، فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما فراوداها [١٠] عن [١١] نفسها. فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجًا، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء فعلت. فأقرّا لها بدينها وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء، فلما انتهيا بها إلى السماء اخْتُطِفَتْ منهما، وقطعت أجنحتهما، فوقعا خائفين نادمين يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو أتينا فلانًا فسألناه فطلب لنا التوبة!، فأتياه، فقال: رحمكما الله، كيف يطلب التوبة [١٢] أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابْتُلِينا، قال: ائتياني يوم الجمعة. فأتياه، فقال: ما أُجِبْتُ فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية،
(٦٠٦) - تفسير ابن أبي حاتم ١٠١٤ - (١/ ٣٠٦، ٣٠٧). ويونس بن خباب: منكر الحديث، وهو متابع بالمنهال بن عمرو.