للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهوياها جميعًا، ثم أتيا منزلها، فاجتمعا عندها، فأراداها فقالت لهما: لا، حتى تشربا خمري، وتقتلا ابن جاري، وتسجدا لوثني. فقالا: لا نسجد. ثم شربا من الخمر، ثم قتلا، ثم سجدا. فأشرف أهل السماء عليهما. فقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي [١] إذا قلتماها طِرْتُما؟. فأخبراها. فطارت، فمسخت جمرة، وهي هذه الزهرة، وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فَخَيَّرَهُما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة. فاختارا عذاب الدنيا. فهما مناطان بين السماء والأرض.

وهذا السياق فيه زيادات كثيرة، وإغراب ونكارة. والله أعلم بالصواب.

وقال عبد الرزاق (٦١٠): قال معمر: قال قتادة والزهري: عن عبيد الله بن عبد الله ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾: كانا ملكين من الملائكة، فأهبطا ليحكما بين الناس. وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم، فحاكمت إليهما امرأة، فحافا لها. ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك، ثم [٢] خُيَّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا. وقال معمر: قال قتادة: فكانا يعلمان الناس السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما [٣] أحدًا حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر.

وقال أسباط: عن السدى أنه قال: كان [٤] من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم فقيل لهما: إني أعطيت بني آدم عشرًا من الشهوات فبها يعصونني، قال هاروت وماروت: ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل، فقال لهما: انزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر، فاحكما بين الناس، فنزلا ببابل دنياوند [٥] فكانا يحكمان، حتى إذا أمسيا عرجا، فإذا أصبحا هبطا، فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها، فأعجبهما [] [٦] حسنها واسمها بالعربية زهرة [٧]، وبالنبطية [٨] بيذخت [٩] وبالفارسية أناهيد [١٠] فقال أحدهما لصاحبه: إنها لتعجبني، قال الآخر: قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك، فقال الآخر، هل لك أن أذكرها لنفسها؟ قال نعم، ولكن كيف لنا بعذاب الله؟ قال الآخر: إنا لنرجو رحمة الله.


(٦١٠) - تفسير عبد الرزاق (١/ ٥٣).