للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما جاءت تخاصم زوجها ذكر إليها نفسها، فقالت: لا، حتى تقضيا لي على زوجي، فقضيا لها على زوجها، ثم واعدتهما خربة من الخرب يأتيانها فيها، فأتياها لذلك، فلما أراد الذي يواقعها قالت: ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء، وبأي كلام تنزلان منها، فأخبراها فتكلمت، فصعدت، فأنساها الله -تعالى- ما تنزل [١] به فثبتت [٢] مكانها وجعلها الله كوكبًا، فكان عبد الله بن عمر كلما رآها لعنها وقال [٣] هذه التي فتنت هاروت وماروت، فلما كان الليل أرادا أن يصعدا فلم يطيقا، فعرفا الهلكة، فخيرا بين [٤] عذاب الدنيا و [٥] عذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا فعلقا ببابل وجعلا يكلمان الناس كلامهما وهو السحر.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أما شأن هاروت وماروت، فإن الملائكة عجبت من ظلم بني، آدم وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات، فقال لهم ربهم -تعالى-: اختاروا منكم ملكين أنزلهما يحكمان في الأرض [بين بني آدم] [٦]، فاختاروا فلم يألوا هاروت وماروت، فقال لهما حين أنزلهما: أعجبتما [٧] من بني آدم من ظلمهم و [] [٨] معصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء رراء، وأنتما ليس بيني وبينكما رسول، فافعلا كذا وكذا، ودعا كذا و [٩] كذا، فأمرهما بأمر ونماهماشم [١٠] نزلا على ذلك ليس أحد أطوع لله منهما، فحكما فعدلا. فكانا يحكمان النهار بين بني آدم، فإذا أمسيا عرجا، فكانا مع الملائكة، وينزلان حين يصبحان، فيحكمان فيعدلان، حتى أنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم، فقضيا عليها، فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه، فقال أحدهما لصاحبه: وجدت مثل الذي وجدت؟ قال: نعم. فبعثا إليها أن ائتنا نقض لك. فلما رجعت قالا وقضيا لها، فأتتهما، فتكشفا لها عن عورتهما، وإنما كانت شهوتهما [١١] في أنفسهما، ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذتها. فلما بلغا ذلك، واستحلا افتُتنا، فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت. فلما أمسيا عرجا فزُجرا فلم يؤذن لهما، ولم تحملهما أجنحتهما، فاستغاثا برجل من بنى آدم، فأتياه. فقالا: ادع لنا ربك. فقال: كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء؛ قالا: سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء. فوعدهما يوما، وغدا يدعو لهما فدعا لهما، فاستجيب له، فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فنظر أحدهما إلى صاحبه. فقال: ألا تعدم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخلد، وفي الدنيا تسع مرات مثلها؟ فأمرا أن ينزلا ببابل، فثم عذابهما. وزعم أنهما معلقان في


[١]- في ز: تنزل.
[٢]- في ز، خ: "فبقيت".
[٣]- في ز: فقال:
[٤]- سقط من ز.
[٥]- في ز: من.
[٦]- ما بين المعكوفتين زيادة من: ر، خ.
[٧]- في ز، خ: "أعجبتم".
[٨]- في ز: من.
[٩]- زيادة من: خ.
[١٠]- في ز، خ: "ونهاهما ثم".
[١١]- في ز: سوءتهما.